منذ أقدم العصور، جهد الإنسان في تفسير ألغاز الأحلام بإرعتبارها رسائل من العالم الخارجي تتراءى للنائم وتكون أشبه بإنذارات، أو تنبؤات بأحداث مستقبلية، ومع تقدم العلم تتالت النظريات وتشعبت.
الحلم أكثر ارتباطًا بالواقع مما نظن
إعتبر البعض أن الأحلام رغبات مكبوتة، وأكد آخرون أنها ذكريات مشتتة يترجمها العقل الباطن بشكل صور أو مشاهد غير مترابطة في معظم الأحيان.
لكن ثمة نظريات أكثر جدية في معالجة هذا الشأن، وهي كانت نتيجة تجارب مكثفة، وبراهين قاطعة أثبتت أن الحلم ليس سوى حلقة مكملة للإدراك الحسي والفكر التحليلي الواعي.
وهذا يعني أنه أكثر ارتباطًا بالواقع مما نظن.
ماذا في هذه النظريات وكيف نستفيد من مضمونها في معالجة مشاكلنا اليومية؟
عندما ننام لا ننقطع عن التفكير بعكس ما كان يُعتقد سابقًا، فإن الإنسان، كما تؤكد الدراسات، يستمر خلال النوم في حالة من الوعي الفكري الناشط.
وهذا يعني أنه لا ينقطع عن التفكير بما يعترضه يوميًا من مشاكل حياتيه، آملاً بالوصول إلى حلول ترضي طموحاته.
لكن الفرق أن دماغه في أثناء النوم لا يتعامل مع أفكاره بطريقة عادية، بل يتفاعل معها بيوكيميائيًا ليظهرها بشكل صور أو أفلام مرئية تحمل أكثر من معنى.
وهذا يعيدنا إلى السؤال الآتي: هل إن الأفكار المصورة التي تنشط في الحلم تحمل أجوبة عن أسئلة تساورنا خلال اليقظة؟
قد تبدو الأحلام غريبة وبدون معنى، وهذا يعود بحسب الدراسات إلى تأثير كيمياء الدماغ في رؤية الأفكار التي تراودنا خلال النوم.
والمعروف بحسب المعطيات المتاحة أن الأفكار التي تتكثف بعد الإستغراق في النوم تتركز على مشاكل الحياة اليومية.
الأمر الذي يساعد على إيجاد حلول لها والدلائل على ذلك كثيرة.
أحلام أطلقت مشاهير
:ثمة عدد كبير من المشاهير دفعتهم أحلامهم إلى القمة، ما يؤكد أهمية الأحلام في تقديم الحلول للمشاكل العالقة، وفي هذا السياق نستعرض عددًا من الأمثلة.
- واضع تركيبة البنزين «فريدريك أوغست كيكولي»، استلهم صيغتها من حلم راوده، بعدما عجز عن ذلك طوال أيام من العمل المضني.
- الطبيب المعروف «أوتو لوي» رأى في الحلم أنه يجري تجربة في مجال علم الأعصاب، الذي تمكن من تحقيق حلمه ونال جائزة نوبل في الطب.
- القائد الهندي الذائع الصيت «مهاتما غاندي» الذي استوحى من أحد أحلامه طريقة النضال السلمي التي خاضها في وجه الإحتلال البريطاني.
- وبحسب دراسة أجرتها مجلة العلوم الأميركية، فإن الإثباتات على تفاعل الدماغ مع المشاكل اليومية في أثناء النوم، لا تحصى ولا تعدّ.
- وفي هذا السياق ذكّرت المجلة بالبروفسور الأميركي شارلز شيلدر الذي كان قد تنبه إلى هذه الظاهرة منذ أكثر من قرن.
- واللافت في الموضوع أنه استبق عصره، وأجرى العام 1892 دراسة على مجموعة من الطلاب في جامعة ويزليان الأميركية.
- طلب منهم خلالها الإجتهاد في حل مشكلاتهم عبر الأحلام. وعرف آنذاك أن عددًا كبيرًا من الطلاب تجاوب مع الأستاذ.
- فمنهم من وجد حلاً لبعض المسائل الرياضية المستعصية.
- ومنهم من تمكن من ترجمة بعض النصوص أو وجد مخرجًا لأمور عالقة.
- وكان الإنجاز الأهم العام 1972، عندما وضع أحد الأساتذة الجامعيين طلابه أمام معضلات يصعب تذليلها، وطلب إليهم معالجتها في أحلامهم.
- وكما فعل أسلافهم، خاضوا التجربة بنجاح، وتمكنوا من حل مشكلاتهم عبر أحلام معدودة من أصل مئات منها راودتهم.
- هذه وسواها من نتائج التجارب التي واكبها الباحثون عبر العقود الأخيرة.
- دفعت إلى الجزم بمقدرة الإنسان على التحكم بالحلم، واستخدامه في حل عقد حياته.
- وهذا يحصل كما تؤكد الأبحاث الجارية.
- عندما يتخذ المعني بالأمر قرارًا واضحًا ويركز بعمق على مشكلاته قبل خلوده إلى النوم.
اقرأ المزيد عن
مفتاح الإبداع
إذا ما عدنا إلى اختراع تركيبة البنزين، نرى أن الحلول التي تقدمها الأحلام تكون عمومًا خارج إطار المنطق.
فالمخترع «كيكولي» كان قد رأى في الحلم أفعى تضع ذيلها في فمها. ولما كان فكره مشغولاً بالتركيبة.
استنتج من الحلم أنها ذات شكل مستدير وليس مسطحًا كباقي التركيبات الكيمائية، فكثف جهده في هذا الاتجاه ووصل إلى مبتغاه.
من هنا يمكننا القول إن تفسير الحلم من أجل الوصول إلى الحل المطلوب يعتمد عمومًا على الاستنتاج وليس على المنطق السليم.
وهذا يعود إلى حركة المناطق الدماغية التي تنشط خلال الأحلام. فهذه المناطق لا تحرّك المنطق بقدر ما تنشّط إرسال الصور الخلاّقة.
أي التي تمكّن الحالم من رؤية الحل بدلاً من أن تجعله يفكر في الوصول إليه. وعلى هذا الأساس تعتبر الأحلام مفتاح الخلق والإبداع.
للأحلام فوائد واضحة
كما سبق وأشرنا، فإن الحلول التي تظهر في الأحلام تميزها عمومًا مواصفات مرئية مشوشة.
لكن يحصل أحيانًا أن يرى النائم أحلامًا واضحة وكأنها جزء من اليقظة ويتمكن في حال عمل جهده على تحليلها، من الوصول إلى حلول خلّاقة.
في ما يتعلق بهذا النوع من الأحلام، هناك إثباتات على فوائدها في تخطي القلق والخو.
وهذا يحصل عندما يرى النائم نفسه في أجواء هادئة ومريحة، أو حتى عندما يتفاعل دماغه مع الأحلام المزعجة (الكوابيس).
فالكوابيس الواضحة المعالم تدربه على أخذ الحيطة والحذر وتعلّمه الابتعاد عن أماكن الخطر بأشكال مختلفة.
وقد تمكنه من خوض مغامرات واتقان عدة مهارات في مقدمها القفز العالي.
وعلى الرغم من أن الدراسات لم تتوصل حتى الآن إلى تكوين مفهوم واضح عن هذا النوع من الأحلام، أو إلى معرفة الظروف التي تخلقها.
فيمكن القول أنه إذا ما تعلمنا كيف نستفيد منها عن طريق تذكّر تفاصيلها وتفهّم مضمونها.
نتمكن من تكوين رؤية أوسع عن طبيعة الوعي، ويسهل علينا حل مشاكلنا بسرعة تفوق التصور.
تطبيق رؤيا لتفسير الأحلام
تستطيع الحصول على تفسير حلمك بكفاءة عالية مع أمهر المفسرين الدارسين
يمكنك تحميل التطبيق من هنا والتواصل مع المفسرين الثقة .